ولد ... ليموت
فتح عينيه بتململ شديد , مد يده متلمسا الدفء من زوجته التي ترقد جواره منذ سنوات ما عاد يحصيها لأنه لا يتذكرها .
هوت يده بطريقة غير مألوفة جواره فشعر ببرودة الفراش , فتح عينه بقوة فاصطدمت بسراب أشعة الشمس المتسللة خلسة من فتحات النافذة .
اعتدل في جلسته ليتذكر أنها عند أمها منذ أيام , نظر إلى النتيجة المعلقة أمامه وهز رأسه مطمئنا على أنها ستعود اليوم .
نظر إلى التجويف الذي تشكل بجسد زوجته , وابتسم , شعر بأنها تركت أثرا بالغا وفراغا هائلا ليس في الفراش فقط ولكن في قلبه .
- كم أفتقدك !
نطقها ثم صمت مندهشا من تلك الكلمة, لم قالها ؟ رغم أنها لن تسمعها ولم تسمعها منذ سنوات طويلة ما عاد يحصيها لأنها بعيدة .
تجول فى أركان البيت , شعر بأن كل ركن فيه يفتقدها , وشعر بأن البيت يشكو غيابها وأنه غريبا عن اليبت.
- أحبك !
يبدوا أنه يوم المشاعر المحبوسة فى زنزاته السرمدية ذات القفل الصدىء والمفتاح المكسور.
ترددت الكلمة فى أنحاء المنزل وكأن كل ركن فيه يريد أن يحفظها كى يتلوها عليها حين تعود .
- كم مرة أخبرتها بذلك ؟
- لا أتذكر لأن اخر مرة كانت منذ سنوات طويلة جدا كليالى وحدتى دونها .
- ألا تحبها ؟
- أحبها أكثر مما تتخيل .
- لكنك بعيدا عنها منذ سنوات , قد يجف النهر إذا لم تمنحه السماء بعض الأمطار ؟
- أعلم ذلك , ولكنها رائعة , لم تشتكى أو تصرخ , صامتة هى كفراشة جميلة , وراضية بكل هذا , راضية برجل لايملك من المشاعر سوى إبتسامة قبل النوم.
- يجب أن تتبدل , وتتغير , إمنحها ماتستحق .. ألا تستحق ؟!
- إنها تستحق عمرى كله .
- ماذا أفعل عندما تعود ؟ أأحتضنها بكل قوة ؟ أم أقول لها أحبك كم إفتقدتك ؟ أم أشترى لها هدية قيمة وأجعلها مفاجأة ؟ , أم ..
رن جرس الباب , فتوقف عن التفكير , وذهب بسرعة ليفتح لها .
- أنت الأستاذ / على درقله ؟
- نعم .. خيرا .
- أنت متزوج من السيدة / هاجين فاخر محمد؟
- نعم أحدث لها مكروه .
نظر له الرجل مستغربا تلك اللهفة الغير متوقعة وقال :
- أنت مطلوب فى المحكمة الأحد القادم ؟
- لماذا ؟
- زوجتك رفعت ضدك قضية خلع .
صرخت جدران المنزل لاعنة حبه الذى ولد ميتا .